والموضوع يتحدث عن السحاب والغيوم
وبحمد الله جمعت لحضراتكم صور لتشكيلات من الغيوم
تم التقاطها من نوافذ الطائرات
تتناسب مع الموضوع نفسه
أرجو من الله عز وجل أن ينال الموضوع والصور إعجابكم
إعجاز الكتاب في وصف السحاب
بقلم الأستاذ الدكتور كارم غنيم
رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة
إعجاز الكتاب في وصف السحاب
بقلم الأستاذ الدكتور كارم غنيم
رئيس جمعية الإعجاز العلمي للقرآن في القاهرة
يقول الله تعالى : (أَلَمْ تَرَ أَنَّ اللَّهَ يُزْجِي سَحَابًا ثُمَّ يُؤَلِّفُ بَيْنَهُ ثُمَّ يَجْعَلُهُ رُكَامًا
فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء
وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء يَكَادُ سَنَا بَرْقِهِ يَذْهَبُ بِالْأَبْصَارِ)[سورة النور: 34].
ورد في (غريب القرآن ) أن قول الله تعالى :(يزجي سحاباً) يعني يسوقه بالرياح،
(ثم يؤلفه بينه) : يعني يجمع قطع السحاب، فيجعلها سحاباً واحداً متراكماً ساداً للأفق .
(الودق) يعني : المطر أو القطر، (يخرج من خلاله) يعني: من فتوقه
(من جبال فيها من برد) يعني : كما أن الجبال جمع جبل، من جبال في السماء.
وقال عامة المفسرين: إن في السماء جبالاً من برد خلقها الله فيها
كما خلق في الأرض جبالاً من حجر.
وقال أهل المعنى: السماء هنا الغيم(السحاب) المرتفع فوق رؤوس الناس،
والمراد بالجبال كثرتها.. وقبل أن ندخل في جولة بين التفاسير المشهورة،
وهي عديدة، لنتعرف على السحاب، وكيف يتكون، وما أنواعه ..
ومحاولات علماء الفيزياء و الأرصاد الجوية لاستزراع السحب.
ما هو السحاب؟
يعرف العلماء السحاب ( Cloud) بأنه بخار الماء متكاثف
يتألف من جسيمات (Particales)
متكون من قطيرات (Droplets) صغيرة الحجم من الماء السائل،
أو بلورات ( Crystals) صغيرة من الثلج،
قطر الواحد منها لا يتجاوز عشرة أجزاء من الألف من المليمتر،
ولو صُف ألف جسيم منها لم يتعد طوله 1.5 سنتمتر.
يقوم الهواء بحمل هذه الجسيمات الدقيقة،
فتظل متعلقة في الجو،
ويمدها غالباً بتيارات صاعدة (مندفعة في الأسفل إلى الأعلى ).
ويحتوي الهواء مواد عديدة كالبكتيريا، وأملاح البحار، والأتربة والدخان،
والهباب، والغبار، وحتى حبوب لقاح الأزهار،
وهي ما يطلق عليها العلماء اسم
نوى التكاثف Condensation nuclei]
وهي مواد يتوفر وجودها في طبقات الجو السفلى،
وتتكثف عليها قطرات الماء الصغيرة جداً في السحب،
فتزداد أحجامها، ويتألف منها المطر بعد أن تصعد الرياح الحارة
المشبعة ببخار الماء إلى طبقات الجو العليا وتتكون منها السحب.
وأما المصدر الطبيعي للملح في الجو،
فإن الرياح حيت تلطم سطح البحر صباح مساء
تحمل رذاذه المحمل بجزيئات الملح إلى الجو،
وترتفع في طبقاته، وتعمل كنوى تكاثف في السحب،
إضافة إلى الشوائب الأخرى التي أشرنا إلى أهمها من قبل.
ومما يذكر في هذا المقام أن جميع السحب
التي تغطي سطح الأرض في وقت واحد،
لا تحتوي سوى واحد بالألف من ماء الكرة الأرضية.. !!
كيف يتكون السحاب .. وكيف يتساقط منه البريد ؟؟؟
لقد أفاض القرآن العظيم في وصف العوامل والأسباب
التي تتدخل في تكوين السحب،
وهطول المطر، وذلك قبل أن يتوصل العلماء حالياً إلى معرفتها.
وأوضح القرآن أن الرياح هي التي تثير السحب
وتوزع حملها من الأمطار :
( اللَّهُ الَّذِي يُرْسِلُ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَيَبْسُطُهُ
فِي السَّمَاء كَيْفَ يَشَاء وَيَجْعَلُهُ كِسَفًا
فَتَرَى الْوَدْقَ يَخْرُجُ مِنْ خِلَالِهِ فَإِذَا أَصَابَ بِهِ مَن يَشَاء
مِنْ عِبَادِهِ إِذَا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ {48} وَإِن كَانُوا مِن قَبْلِ
أَن يُنَزَّلَ عَلَيْهِم مِّن قَبْلِهِ لَمُبْلِسِينَ)[سورة الروم].
كما فرق القرآن بين أنواع السحب،
وأوضح كيف يخرج الودق [أي المطر ] من خلال هذا الركام (الذي يشبه الجبال)،
وكيف ينهمر البرد من هذا الركام (الذي يشبه الجبال)،
وكيف ينهمر البرد من هذا النوع فقط من السحب:
(وَيُنَزِّلُ مِنَ السَّمَاء مِن جِبَالٍ فِيهَا مِن بَرَدٍ
فَيُصِيبُ بِهِ مَن يَشَاء وَيَصْرِفُهُ عَن مَّن يَشَاء)[سورة النور:43].
وكيف يحدث البرق والرعد ؟ وكيف تقوم الرياح بتلقيح السحب؟
( وَأَرْسَلْنَا الرِّيَاحَ لَوَاقِحَ فَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء
فَأَسْقَيْنَاكُمُوهُ وَمَا أَنتُمْ لَهُ بِخَازِنِينَ {22} )[سورة الحجر].
وأصبح من المعلوم الآن أن السحب تتكون حينما يبرد الهواء،
ويصل إلى نقطة الندى( Dew Point)، أو درجة التشبع (Saturation)،
فتقل قدرته على حمل بخار الماء (water vapour) فيتحول إلى نقطة ماء،
أو إلى بلورات ثلج، حسب درجة حرارة تلك المنطقة من الجو
هذا وقد أشرنا إلى أن القطيرات المائية،
التي تتصاعد محمولة على متن الريح الصاعدة،
صغيرة جداً بحيث لا ترى إلا بالمجهر [ الميكروسكوب]،
وخفيفة جداً لدرجة أنها تصعد مع أهدأ تيار هوائي..
وتزداد أحجام هذه القطيرات شيئاً فشيئاً ـ كما أوضحنا من قبل ـ
فتكون السحابة في النهاية مشكلة من قطيرات ماء وهواء،
ويمثل الهواء النقي أكثر من 99% من مكونات أية سحابة.
وينزل الماء الطهور العذب بهطول السحابة وهو ما أشار إليه القرآن العظيم
في قول الله تعالى:
( وَأَنزَلْنَا مِنَ السَّمَاء مَاء طَهُورًا) [سورة الفرقان: 48].
(وَجَعَلْنَا فِيهَا رَوَاسِيَ شَامِخَاتٍ وَأَسْقَيْنَاكُم مَّاء فُرَاتًا)[سورة المرسلات:27].
نعم وذلك لأن أشعة الشمس بما فيها من أشعة فوق بنفسجية (Ultraviolet)
وأشعة تحت حمراء ( infrared) وغاز الأوزون ( Ozon) ولأن البرق،
ولأن المركبات الكيميائية المختلفة الموجودة في طبقات الجو العليا،
تقوم هذه وتلك بقتل الميكروبات،
وإعدام الأحياء الدقيقة الضارة التي تحملها الرياح عادة وتدخل بها في السحب،
وبالتالي ينزل المطر بماء طاهر نظيف خال من الجراثيم والميكروبات،
وهي الكائنات التي لم يعرفها الإنسان إلا بعد أن أكتشفها العالم الفرنسي ' باستير'
في القرن التاسع عشر الميلادي ( أي بعد نزول القرآن بنحو أثني عشر قرناً ميلادياً) .
وماء المطر عذب ' فرات'،
فبالرغم من أن ما صعدت به الرياح وكونت به السحب،
إنما هو ماء مالح من البحار والمحيطات،
فإن الله سبحانه هيأ الأسباب لإزالة ملوحته
أثناء عملية البخر الطبيعي !!!
أليس هذا إعجاز للكتاب في وصف السحاب؟!
بل إنه كذلك، وسوف نزيد ذوي الألباب من الكثير.
وفيما يلي نعرض ما نريد أن نوضح به جوانب فيها كل الناس
(حتى القرن السابع عشر الميلادي)
يعتقدون بأن السحب عبارة عن هواء بارد سميك، إلى أن ظهر ' ديكارت'
وقال بأن الهواء وبخار الماء شيئان مختلفان،
ولكن القرآن العظيم حين نزل (في القرن السابع الميلادي)
فرق بين الرياح والسحب، وبين الدور الذي تقوم به الرياح
في تكوين السحب وإنزال المطر والبرد منها.
وكلما اكتشف العلماء حقيقة علمية أو توصلوا
إلى معرفة أسرار حدث كوني أو أمر طبيعي،
ثم طالعنا آيات القرآن العظيم، وجدناها قد أشارت إليه، أو ذكرته،
أو شرحته، مباشرة أو بطريقة غير مباشرة.
وهكذا يظهر القرآن على غيره مما يحاول الحاقدون أن يتشبثوا به ...
وهكذا يظل هذا الكتاب المجيد متجدداً ومستمر العطاء
ودائم الإبهار لجميع الدارسين له.
ومنذ مدة لا تزيد على 200سنة فقط، قام ' لوك هوارد '
بوضع تقسيم السحب،
ولا يزال يعمل به المتخصصون إلى الآن، وذلك حسب الشكل والسمك والارتفاع،
ويتضمن ثلاثة أنواع:
[1] السحب العالية:يتراوح ارتفاعها بين 8 ـ 14 كيلومتر،
حيث الجو شديد البرودة،
ويسمى السحاب الموجود على هذه الارتفاعات (سمحاق)
وتقابله اللفظة الأجنبية ' سيرس Cirrus'
أي : ريشية الشكل، كذيول الخيل.
ويظهر السحاب في السماء كالشعر الأبيض في مساحات واسعة،
ويظهر مع الشمس في شكل هالة، ويتألف من بلورات ثلج صغيرة
منفصلة عن بعضها البعض، ولونه أبيض نهاراً
وردي صباحاً وعند الغسق (Dusk)،
ويعقبه حدوث تقلبات جوية وأعاصير، ومنه سمحاق طبقي، وسمحاق ركامي.
[2] السحب المتوسطة :يترواح ارتفاعها بين 2_5 كيلومترات،
وتسمى (السحب الركامية)،
وهي تقابل اللفظة الأجنبية ' كيوميولس Cumulus '
ويبدأ تكون هذه السحب في فترة الضحى أو قبيل العصر،
ويزداد نموها رأسياً مع اقتراب المساء، وترتفع حتى يصل سمكها إلى 5 كيلومترات .
ويصحب هذه السحب حدوث عواصف واضطرابات جوية، كالرعد والبرق،
وخصوصاً مع بداية هطول المطر منها، وقد يصحب هذا المطر سقوط (برد) ..
تتنوع السحب الركامية إلى: سحب بيضاء وسحب ممطرة، وغيرها.
ويتألف السحاب الركامي من ثلاث طبقات، بعضها فوق بعض هي :
أ ـ منطقة عليا :وتحتوي بلورات ثلجية ناصعة البياض.
ب ـ منطقة وسطى:وتحتوي خليطاً من نقطة الماء الزائدة البرودة (over cold)،
وبلورات الثلج المتساقطة من أعلى (بفعل الجاذبية الأرضية (Gravity).
ج ـ منطقة سفلى:وتحتوي على نقطاً من الماء أو بلورات من الثلج
على أهبة الاستعداد للسقوط إلى الأرض، ولونها معتم غير منفذ للضوء .
[3] السحب المنخفضة: لا يزيد ارتفاعها على 600متر فوق سطح الأرض،
وتسمى (السحب الطبقية) أو (السحب البساطية )،
وتقابل بالأجنبية (Stratiform Clouds)
تتكون هذه السحب في الجو المستقر ولا يصاحبها حدوث عواصف رعدية،
أو سقوط برد، ولذلك يرحب بها الناس عادة.
والسحب الممطرة (المزن) في جو الأرض قليلة إذا قوبلت بالسحب غير الممطرة،
وهي كثيفة قاتمة، وليس لها شكل معين، وحوافها مهلهلة،
وينهمر منها المطر أو الثلج بصفة مستمرة.
والسحاب الثقال ذكره القرآن بقول الله تعالى:
(هُوَ الَّذِي يُرِيكُمُ الْبَرْقَ خَوْفًا وَطَمَعًا وَيُنْشِئُ السَّحَابَ الثِّقَالَ)[سورة الرعد:12].
وبقوله تعالى: (وَهُوَ الَّذِي يُرْسِلُ لرِّيَاحَ بُشْرًا بَيْنَ يَدَيْ رَحْمَتِهِ حَتَّى إِذَا أَقَلَّتْ سَحَابًا
ثِقَالاً سُقْنَاهُ لِبَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَنزَلْنَا بِهِ الْمَاء فَأَخْرَجْنَا بِهِ مِن كُلِّ لثَّمَرَاتِ
كَذَلِكَ نُخْرِجُ الْموْتَى لَعَلَّكُمْ تَذَكَّرُونَ)[الأعراف:75].
وهذا السحاب الثقال نمط من السحب، يرتفع إلى 20 كيلومتراً عن سطح الأرض،
ويصل قطره إلى 400كيلومتراً، وحمولته 500طن من الماء،
ومحتواه الحراري يكفي لسد حاجيات
دولة كبرى كالولايات المتحدة من الكهرباء، لثلث ساعة تقريباً .
ويسقط المطر على سطح الأرض وسطح البحار والمحيطات،
فيعيد ما سبق أن أخذته الرياح منها،
من ماء وطاقة حرارية، ثم امتصاصها بالتبخير إلى طبقات الجو العليا،
ثم يمتص الماء والطاقة الحرارية مرة أخرى،
ثم يعيدها المطر مرة أخرى، وهكذا في دورة مستمرة،
عبر عنها القرآن المجيد بقول الله تعالى : (والسماء ذات الرجع) .
وبذلك نكون قد انتهينا من الجزء الأول