وداعا يا مدرستي ، وأهلا بالعطلة الصيفية .. انها الفوضى، لا نظام ولا هدوء. انها حرارة الصيف التي توقظ معهاالفوضى من سباتها بعد ان ارتفع على مدار ايام السنة ،
الدراسية مؤشر الممنوعات المشفوع بكثير من التعليمات الصارمة والدقة.. وكما هي العطلة ، مرح ، فرح ، لعب , لهو ، وتسلية ، سيفقد الأهل السيطرة على نظام المنزل وينهار جدار الضبط والربط نحو فلتان الأمور من زمامها ، وهي المرحلة التي يحتار الأهل فيما يختاروا لابنائهم من برامج ومشاريع .. وبكلام أبسط ، لا يخفى علينا كأهل ان فصل الصيف بعشوائيته وحريته يحمل الكثير من المتاعب والمشاق ويكون بالتالي طلب الهدوء والراحة والاسترخاء شيئا مستحيلا في الشهور الصيفية، ورغم محاولات الأمهات لإستجماع ما استطعن من النظام الضائع ، الا ان النتيجة غالبا ستكون سلبية . فمن الصعب ضبط الساعة البيولوجية لجميع أفراد المنزل، امام اصرار الأبناء على السهر ، اللهو وقضاء الوقت على اهوائهم ! وتبقى المخيمات الصيفية العنوان ، ففيها يجد الطلاب متنفسا ومجالا لقضاء أيام الصيف الحارة باللهو واللعب والترفيه والاستجمام ... ولكن هناك من يرفض فكرة المخيمات من اساسها ولا يجدها مجدية البتة . بانوراما إستطلعت آراء عدد من الأهالي الذين يرفضون فكرة إرسال أبنائهم لهذه المخيمات ، وسألتهم عن الأسباب التي تجعلهم يعرضون عن تسجيل أولادهم وبناتهم لهذه المخيمات وعن البدائل التي يقترحونها لقضاء هذه الاجازة الطويلة !
مع حلول عطلة الصيف تبدأ العائلات العربية البحث عن أطر تربوية ، تعليمية وترفيهية لأطفالها ليقضوا أوقاتهم بعطلة تمتد لشهرين . ومما لا شك فيه أن المخيمات الصيفية تشكل لبنة أساسية بهذه الأطر ، لما لها من دور في تنمية الطفل ، فالمخيم ليس مجرد إطار للرعاية ، وإنما له دور بالتنشئة السليمة لتكوين العلاقات الإجتماعية مع البيئة المحيطة ، وتذويت الأهداف التربوية عبر وسائل ترفيهية محببة الى قلوب الاطفال .
وهناك من يقول أن المخيمات الصيفية نشأت في أوروبا ، وتحديدا بزمن الحرب العالمية الثانية ، حيث كان هدفها إبعاد الأطفال عن اجواء الحرب الساخنة في اوروبا ، ونقلهم إلى مخيمات صيفية بعيدة عن الحرب ومخاطرها ، كما كان لها أهداف دينية وتربوية أخرى . ومع مرور السنوات بدأت هذه التجربة تعمم عالميا ، لما حققته من تعزيز للأطفال بأوروبا خاصة على صعيد بناء العلاقات الإجتماعية ، في ظروف بعيدة عن العائلة ، التي قد تكون شريكة في قراره في الحياة اليومية ... وفي مجتمعنا العربي كثرت المخيمات الصيفية والبرامج المختلفة لهذه المخيمات ، ولكن هنالك من ينتقد هذه المخيمات ويرى أنها لا تمثل المكان الآمن لقضاء الأطفال عطلتهم الصيفية ، ومنهم من يطالب بتوفير مرشدين مؤهلين بهذه المخيمات كي يثقوا بها ويبعثوا أطفالهم اليها ...
" أفضّل أن أبقي ابنائي تحت رقابتي "
هذه هي منتهى خلايلة من سخنين ، التي ترفض ان تبعث بأبنائها لمخيم صيفي ، تسهب بالحديث عن اسباب رفضها لذلك قائلة :" أنا أرسل أبنائي بشكل عام لدورات سباحة ورياضة ، ولا أحبذ إرسالهم إلى أي مخيم صيفي ، فأنا لا أثق كثيرا بهذه المخيمات التي يقودها بالعادة شباب غير مؤهلين لرعاية الاطفال وقيادة هذه المشاريع ، التي تكون ربما من حيث المبدأ هي مشاريع هامة في تنمية الأطفال والشباب ، ولكن من اجل تنظيم مخيم صيفي ناجح يجب ان تتوفر شروط مناسبة ، كي تثق الأم بالمخيم ".
ومضت خلايلة قائلة : " أفضّل أن أبقي ابنائي تحت رقابتي ، نظرا لعدم قناعتي بهذه المخيمات التي تنتشر في الصيف في الوسط العربي ، فنحن نعرف ان عدد المرشدين في هذه المخيمات لا يتعدى عدد أصابع اليد الواحدة ، بينما يكون عدد الأطفال بالمخيم كبيرا ، وهذا غير كاف لمنح الرعاية والرقابة اللازمة للأطفال ، خاصة أن المجتمع بشكل عام يمر بظروف غير آمنة ، لذلك فالبديل للبرامج الصيفية بالنسبة لاطفالي سيكون دورات رياضة تحت ناظري ، وهذه الدورات تكسب الأبناء مهارات رياضية وتشكل ترفيها لهم بذات الوقت".
" المطلوب تنظيم مخيمات تكون أهدافها تربوية "
من جانبها ، تقول اميرة نعامنة من عرابة ، انها لا ترى ان هنالك مخيما يناسب رعاية اطفالها ، وعن أسباب تحفظها من المخيمات تقول : " أنا أم لأربعة أطفال ، ولا أرى أي مخيم يناسب ويرعى أطفالي كما يجب ، عدا عن ذلك فانا أرى ان هذه المخيمات أصبحت مصدرا لجني الاموال من الاهالي ، فتكاليفها أصبحت باهظة ، وبرامجها هي نفس البرامج التي تقترح سنويا ، فليس هنالك أي تجديد في هذه البرامج التي تعتمد الترفيه اكثر من أي شيء آخر ، وهنالك إنعدام للأهداف التربوية والتعليمية من هذه المخيمات ، وهذا يعود لعدم تأهيل منظمي هذه المخيمات ". واستطردت نعامنة موضحة أسباب معارضتها لإرسال أولادها لمخيم صيفي بالعطلة ، قائلة : " الفكرة السائدة اليوم في المخيمات هي تنظيم مجموعة رحلات ، تقصم ظهر العائلة ماديا ، ولا تعود بأية فائدة تكتسب على المدى البعيد للطفل ، أي المسألة مسألة ربح مالي ، وأنا بغنى عن ادخال ابنائي لبرامج كهذه ، فالمطلوب هو تنظيم مخيمات تكون أهدافها تربوية ، مع وجود تأهيل مناسب للمرشدين ، والمطلب تنظيم مخيمات تساهم في بناء وصقل شخصيات الأطفال المشاركين بها ".
" بشكل عام انا أرفض ان يشارك ابنائي بمخيم صيفي "
أما بلال حسين من دير حنا ،فله رأي مغاير تماماً ، فهو قرر أن يبعث أولاده هذا العام لمخيم صيفي ، لأنه واثق من منظمي المخيم وبحسن رعايتهم للأطفال المشاركين فيه ، ويضيف قائلا : " هذا العام سأرسل ابنائي لمخيم صيفي ، وذلك لأنني اثق بمنظمي هذا المخيم ، فهم من أقربائي ، وأنا اثق بحسن تنظيمهم ورعايتهم لابنائي ، وهذا ما دفعني للموافقة على تسجيل أبنائي بالمخيم ، أما بشكل عام فانا أرفض ان يشارك ابنائي بمخيم صيفي مع أناس لا أعرفهم بشكل جيد ، ففي العام الماضي رفضت إدخال ابني لمخيم صيفي اولا لكونه صغير السن ، وثانيا لعدم وجود مخيم صيفي اقنعني عبر برامجه ومنظميه بحسن الرعاية والاهتمام بالاطفال ". ومضى حسين قائلا : " أنا لا أقلل أبدا من أهمية مشاركة الأبناء في المخيمات الصيفية ، ففيها برنامج جيد اذا ما كان التنظيم مناسبا ، وقد تساهم كثيرا في صقل شخصية الطفل وتعمل على تعويده على الاعتماد على ذاته في بيئة مغايرة عن البيئة التي اعتادها ، بشكل عام هي تجربة قد تكون فريدة للطفل في مراحل نموه ، اذا ما توفرت الشروط الملائمة للمخيم من حيث عدد المرشدين ، تأهيلهم وقدرتهم على العناية بعدد كبير من الاطفال في آن واحد ".
" أنا بشكل عام لا أرسل ابنائي لمخيمات صيفية "
من جهته ، يقول شادي طه من البعينة وهو أب لطفلين أنه يبحث عادة عن الأهداف التربوية التي تقف من وراء المخيمات الصيفية أو غيرها من الأطر للأطفال ، ولكنه بشكل عام لا يرسل أولاده لمخيمات صيفية ، وعن ذلك يقول موضحا : " أنا بشكل عام لا أرسل ابنائي لمخيمات صيفية ، وافضّل إرسالهم لدورات السباحة والرياضة والتي تكسبهم مهارات لا يكتسبونها من المخيمات الصيفية ، فالمخيمات في وسطنا العربي تنظم في سبيل الربح أكثر من أي أهداف أخرى ، وربما يكون هذا شرعيا بالنسبة للمنظمين ، ولكنني كأب ابحث عن الأهداف الحقيقية من وراء المخيم الصيفي ، واي برنامج قد يشارك به ابنائي ، وأنا ابحث عن الاهداف التربوية للمخيمات الصيفية ". وإستطرد طه قائلا : " المخيمات عادة تفتقد للتأهيل وعدد المرشدين فيها لا يتناسب مع عدد الاطفال ، فمن المفروض ان يقوم على رعاية كل 4 - 5 أطفال مرشد واحد على الاقل ، لضمان رعاية ورقابة سلامة الاطفال ، وهذا غير متوفر في معظم المخيمات الصيفية في الوسط العربي ، فلا يمكن المخاطرة ابدا مع الابناء ، فالأب والام يفنيان عمريهما بالتربية السليمة ورعاية أولادهما ، وليس من السهل ابدا ايلاء مهمة رعاية الابناء ولو لأيام معدودة لشخص ، الا بمن تثق بقدراته على رعايتهم وضمان سلامتهم ".