ان تفقد عزيزا ............

كم هو مؤلم أن تفقد شخص عزيز،،، فمهما تكررت حالات الفقد لا تحصل على مناعة من الألم، ولا تحصل على مقويات للصبر..



ربما تعيش على أمل واحد هو أن تأتى لحظة النسيان أو استعادة القدرة على التعايش مع الحياة



ولكن حتى تأتى تلك اللحظة تبقى فى آلام لا تنتهى، آلام تتجدد وتتكثف مع الوقت وتصبح ثقيلة ومؤلمة



كلما مررت بتجربة فقد عزيز تدخل دوامة الألم، تحياها وكأنها جزء من العزيز نفسه ومن المعزة التى تكنها له... فكونه عزيز يعنى حتمية الحزن والألم على فراقه..



تصبح دوامة الألم إذن جزء من طقوس الفقد، وصك إثبات المعزة والحب..



ولكن حالات فقد العزيز مختلفة والألم بدوره مختلف...



فأن تفقد عزيز بالموت أمر يختلف أن تفقد عزيز فى سياق الحياة..



نعم فالفقد عملية مرتبطة بالحياة كالاكتساب، فما يأتى يمكن أن يرحل...



يرحل عن الحياة أو يرحل فقط عن حياتك أو يرحل عن المعنى الذى ارتبط به داخلك...



يبقى الألم عملية تابعة إذن تختلف حسب حالة الفقد ذاتها...



عندما تفقد عزيز بالموت تمتلئ بأحزان ضخمة،، ترتدى الأسود وتعلن الحداد..



تعرف أنك فقدته للأبد،، تحمله داخلك وتعرف أنه لن يرحل بالمعنى والروح...



يصبح بقاء الروح داخلك جزء من قيمة العزيز ذاته، اعتراف بشرى بأن من مات يبقى حسب درجة حبه وتقديره..



تحيا دائرة الآلام،، حتى تصل للحظة استعادة القدرة على الحياة والتعايش مع غياب الجسد وبقاء الروح..



يرحل وترحل دائرة الآلام وأن بقى الألم..




لكن بالمقابل عندما تفقد المعنى فالأمر يختلف،،



عندما تفقد من تحب وتقدر فى مسار الحياة فأن الأمور مختلفة وتترك بدلا من الألم جرح يظل نازفا..



عندما تحب وتقدر شخص يصبح كمعنى وصورة،،



يصبح لوجوده فى الحياة حتى وان بعدت المسافات قيمة نفسية تشعرك بالراحة...



وان رحل عن الحياة بمعنى الموت يترك خلفه ألم وحزن...



ولكن عندما يرحل المعنى الذى يحمله الحبيب..



عندما يفقد من تحبه أسباب حبك له،،



عندما تتغير صورته،،،



عندما يتحول من مصدر للسعادة والراحة إلى مصدر للألم والحزن...



عندما يتحول إلى مصدر للحزن،، وتصبح ذكراه نبع أحزان متدفق،،



هنا لا تأتى دائرة الآلام الحزينة بمفردها ولكنها تحمل معها الجرح،،،




تدرك أنك مهما تشجعت بانتظار لحظة النسيان لن تخرج منها إلا بجرح لا يبرأ بسهولة عبر الزمن...هذا إن كتب له الشفاء..



نعم للموت قوته وحزنه وألمه.... لكنه لا يترك جراح خلفه



للحب قوته أيضا وسطوته.... لكنه للآسف يترك خلفه جراح



لا أتمنى أن أفقد أيا ممن أحب بالمعنى الأول ولا الثانى بالطبع...



لكنى أتمنى فى بعض الأحيان فقط أن أستطيع أن أميت الحب بالمعنى الثانى حتى أمنع لحظة الجرح...



أتمنى ألا يكون من أحب مصدر للحزن...



ألا تكن ذكراه مصدر للألم...



أتمنى........وأتمنى ...... وأتمنى....



ولكن أعرف أن الحياة الطبيعية فيها جرح وحزن كما فيها شفاء وفرح..



أعرف أن من لا يتألم ويحزن خلال حياته الطويلة لم يكن لديه فى الحياة ما يستحق...



أعرف أن من أحب يستحق أن أحبه....



وأنه يستحق الألم لفقده كمعنى جميل فى الحياة...



لكنى فقط أشفق عليه وعلى نفسى أن يكون مصدر للحزن يوما ما...