بين بائعة الورد وبائعة الكراتين ..!

قال :

قرف ..!

منظرها مثير للاشمئزاز .. كل تلك الشوائب اللزجة على وجهها تجبرك على أن تشيح بوجهك عنها
لتتقيأ منظرها في الجهة الآخرى .. كانت تفترش رصيفاً باهتاً في ساعة متأخرة لايعبره إلا البؤس
تحاملتُ على نفسي .. كممتُ أنفي .. لاقترب من كومة ظل تلوح للعابرين بسياراتهم الفارهة ونصف الفارهة حتى تلك التي يأكلها الصدأ .. بقيت كومة الظل تلوح لها تستوقفها ..

توقفتُ بسيارتي ؛ لأفهم لمَ هي تفترش هذا الرصيف الباهت المحتفي بالذباب والناموس الراكد على مناخيرها الصغيرة .. اقترابي منها ماكان كافيا حتى أراها .. هيكلها العظمي الصغير بلون رصيف جمدها صقيعه بانزواء بعض ثوبها على جسد مشرع ,, بالكاد فهمت من منطقها المتكسر بنبرة أولئك الأفارقة الذين استوطنوا الأرصفة والإزقة والأوكار العفنة في بلادنا .. فهمتُ منها أنها تقوم يومياً تجمع الكراتين والخردوات بنبش الزبائل لتأتي تبيعها بهلالات زهيدة جدا .. هي تتسول بالكراتين تماماً كأولئك الصغار الذين يلاحقوننا في الشوارع والمواقف والأماكن العامة بمناشف أو بعلب مناديل أو بقطعة علك منتهية الصلاحية يتسولون بها لمنظمات تديرهم وتوزعهم بذريعة البيع ..

أتعرفين .. , من حيث عدتُ بعد اغتراب على الطرف الآخر ,, كنت أبصر عندهم فقراء وجوع ووسائط تسول , لكنها الوسائط التي تبدأ بابتسامة بائعة الورد والتي تنتثر منها نسخ على كثير من الارصفة هناك .. ولك أن تقارني بين منظر ورد وكرتون كلاهما يتسولان ...!
وإلى جانب رصيف بائعة الورد أرصفة آخرى تسكنها أكوام بشرية تتسول بعزف مقطوعة موسيقية, أو باستعراض يؤديه حيوان لطيف يستدر العابرين للتصدق على صاحبه بشيء من المال أو حتى بمجرد النظر فقط والاكتراث لوجود كومة مثله في الحياة .. وربما اصطحبوا معهم كلابهم الأليفة لتفترش الأرصفة وتتسول نيابة عنهم فأولئك يدركون بإن الأنسان يعطي الحيوان من الشفقة والرحمة أكثر مما يمنحه إنسان لأخيه الأنسان .. ولا أجمل من رصيف يسكنه من يتسول برسم بروتوريه للعابرين ..

التسول ظاهرة تشوه واجهة المجتمع , لكنهم هناك يبعثون من التشوه جمالاً من تحت أقبية الورود الزاهية .

ألم أقل لكِ المكان عندنا يفشل في كل شيء , ..متى تتعلمون يامن هنا كيف تتسولون دون أن تثيروا اشمئزازنا ودفعنا نحن والمكان للغثيان منكم .؟!!

/
/

قلتُ له :

ربما يكون الموضوع مقرف فعلاً , لا لأن الوضع و المكان والبشر هنا يحتلهم قرفٌ اكبر من قرف ممن عدت من طرفهم .. بل هو التعامل في حدود الممكن والمتاح .. فالله منحنا أرضاً متصحرة لذا لاورد ينمو حتى يباع .. والموسيقى هنا يسمعها البشر خفاءً من خلف طبلة الأذن , ولوخرجت لتتسول على الأرصفة لاستدرت لعن الخلق لا استعاطفهم .. ثم ان الكلاب في بلادنا تكره البشر ولو صادفتهم فلا أظنها ستتسولهم لانها ترى في نهش عظامهم البارزة طريقا أقرب لتسد جوعها من ان تستجدي ثياب تعرف لاجيوب لها وإن وجدت فهي أما ممزقة أو متروسة بحزمة فواتير أو حفنة تراب ..

ثم ألم تنتبه إلى شيء آخر تعرضه تلك الصغيرة للبيع .. ألم تلاحظ ثوبها المنزلق من على كتفها
هو باب موارب لعقد صفقة بيع أسرع ربحا, وأجدى لسد جوعها , وأكثر استدرارا لعطف عابري الطريق من أي وسيطة تسول آخرى ..

هي تبيع جسدها .!

وبيع الجسد ظاهرة تشوه واجهة المجتمع , لكنهم هنا يبعثون من التشوه رحمةً من تحت أقبية الكراتين البريئة ...
أرأيت حتى هنا يعرفون كيف يدارون التشوه تحت أقبية التسول
لسنا متخلفين ياسيدي إلى ذلك الحد الذي يصيبك بالقرف .!!!!!!!!!!!

وبيع الجسد ظاهرة تشوه واجهة المجتمع , لكنهم هنا يبعثون من التشوه رحمةً من تحت أقبية الكراتين البريئة ...
أرأيت حتى هنا يعرفون كيف يدارون التشوه تحت أقبية التسول
لسنا متخلفين ياسيدي إلى ذلك الحد الذي يصيبك بالقرف .!!!!!!!!!!!

مشكورة كتير موضوع جميل جدااااااااااااااااا ومرتب وحلو يسلمو كتير

شكرا لك يا وردة القمر على الموضوع الرائع جدااااااااااا

شكرا جزيلا لك يا وردة القمر على هذا الطرح الجميل
تقبلي مروري

شكرا يا وردة القمر على الموضوع الرائع تقبلي مروري

شكر للكل على مرورهم الجميل

شكرا على الموضوع الرائع

» تحت الورد شوك أم فوق الشوك ورد!؟‏
» على ورق الورد
» ضاع الورد بزحمة الشوك؟!
» الورد للورد
» الورد الاسود