مول الدار .. حكاية صمود مقدسية

بناية أوقف الاحتلال بناءها حين داس ارض فلسطين قرابة خمسة وأربعين عاماً، ثم صمدت في وجهه وشهدت بطشه وظلمه وتكحلت أحجارها بدموع فراق الأحبة وافتخرت بكل مقدسي صمد في وجه الظلم؛ وهي الدار مول بناية لها تاريخ مع القدس في شارع صلاح الدين.
وفي حديث خاص ل "هنا القدس" سرد سامر نسيبة مدير مشروع الدار مول قصة صمود المبنى الذي تم بناؤه كفندق في عام 1966على أن يكون الافتتاح الرسمي للفندق في ديسمبر عام 1967، وفي شهر حزيران قامت حرب67 ولم يكتمل تشطيب البناء، و بقى أن يتم وضع اللمسات الأخيرة من التشطيب، فتراكمت الأسباب السياسية والاقتصادية والاجتماعية وقتها مما حال دون استكمال المشروع.
و قال "في عام 2001 قام محمد نسيبة صاحب مجمع مول الدار بالتفكير من جديد باستكمال بناء المبنى وذلك لإحياء المدينة المقدسة بعد ما شهدته من عزلة وتهويد، فنشأت الفكرة بأن يتم تغيير هذا المشروع ليكون مجمعا ما بين مكاتب ومحلات تجارية.
ولم تتوانى بلدية الاحتلال في القدس ، عن الوقوف في وجه المشروع ، وعرقلة طريق المستثمرين المقدسيين في المدينة المقدسة ، يقول نسيبة "أخذتنا مشاكل الترخيص لأكثر من ثماني سنوات مع بلدية القدس حيث أن هذه البناية تم ترخيصها في عام 1966 ترخيصا أردنيا وعند توجهنا لبلدية القدس في عام 2001 للبدء باستكمال وإعادة ترميم وافتتاح البناية ، تم اهمال المشروع من قبل بلدية القدس لمدة أربعة أعوام".
ويضيف "في عام 2005 قررت إدارة مشروع مول الدار تحويل الملف للمحكمة ، حيث استغرق حتى عام 2008، و بعد هذا العناء قررت اللجنة بأن رخصة البناء موجودة ويحق لهم استكمال البناء لكن بشرط تجديد الرخصة وتطوير المبنى بحيث يتوافق مع شروط السلامة العامة وتم تجديد الرخصة واستيفاء الشروط".
ويضيف " بعد تجديد الرخصة واستيفاء جميع الشروط ، أوقفت بلدية القدس المشروع لمدة شهرين تقريباً ،وعندها أجرينا العديد من الاتصالات مع المسؤولين ، وذلك بحجة أن رخصة البناء لهذا المبنى كانت لفندق خمس نجوم وليس لمركز تجاري لذلك تم الفرض علينا بتخصيص طابقين من هذا البناء لفندق خمس نجوم وبذلك تم استئناف العمل بالمشروع بعد التوصل لهذه التسوية مع بلدية القدس".
ويواصل الاحتلال عزل القدس عن محيطها واجتذاب المواطن المقدسي للسوق الإسرائيلية وابعاده عن السوق العربية ، حيث يقول نسيبة في هذا السياق" هذا التوجه لم يأتي في يوم وليلة وانما سياسة موجهة اتبعتها اسرائيل منذ عام 1990 تقريباً عندما فصلت القدس عن مدن الضفة الغربية، فقد كان إحياء المدينة المقدسة يتركز على اهالينا في الضفة الغربية. واستمرت وتصاعدت بعد ذلك سياسة عزل القدس عن البلدات المحيطة والمجاورة مثل الرام وأبو ديس والعيزرية وقلنديا وحزما".
ويتابع نسيبة "عندما تم بناء الجدار العنصري تم فصل محيط القدس عن بلداتها وعن السوق التجاري وبالتالي تم إضعاف المحلات والحركة التجارية والاقتصادية للمدينة بشكل عام و وبالأخص حركة المحلات التجارية في شارع صلاح الدين ،ما أدى إلى الحاق الضرر بأصحاب المحلات التجارية في هذا الشارع ، وأصبحوا يغلقون محلاتهم في أوقات مبكرة جداً".
ويؤكد نسيبة بأنه "عندما افتُتح مول الدار من أهم الأشياء التي ركزنا عليها خلال طول فترة عملنا هو إحياء المدينة المقدسة من وراء هذا المشروع وتجلى ذلك في ترك إنارة المول لغاية الساعة الثانية عشرة ليلاً وذلك لننير الشارع بإنارة زائدة، ولنشجع كافة أصحاب المحلات والمواطنين باستمرار التواجد داخل شارع صلاح الدين ، حيث أصبح التجار في شارع صلاح الدين يضاعفون فترات وجودهم فيه بشكل أكبر ".
وخلال جولة "هنا القدس" التقينا بمواطنة قاصدة لمول الدار وقالت" جميل جدا ان يكون عندنا مول كاي بلدان اخرى ،وهذا بحد ذاته تطور و القدس ليست اقل من أي مدينة في العالم".
فيما تحدث الينا رجل في الستين من عمره "هذه البناية كانت في السابق مهجورة ولا احد يدخلها ، لكنها اليوم تطورت وأضحت جميلة وتبعث على التفاؤل لأهل القدس من جديد".
فكرة استثمارية نشأت، وأوقفها الاحتلال، واستوقفت لعدة سنوات بحجج احتلالية لا يفسرها المنطق، لكن مع الصمود ، والهدف السامي استكملت، ولخدمة المقدسيين استمرت، رغم كل محاولات التهويد والترحيل منها.

» دريمر لما انطحى من الدار
» حكاية غزة
» حكاية قبل النوم
» حكاية عارية
» حكاية من فلسطين اسمها...جلنار