المجنون

موضوع: المجنون الثلاثاء 22 يوليو 2008, 9:47 pm

تشرق الشمس، فتدب الحياة ،تتحرك الكائنات، في طوابير منظمة،كل إلي عمله ورزقه،الكل هب بنشاط ،بدء الضجيج يكتسح الهدوء ويأسره ويقذفه إلي فضاء مظلم،ينسحب من دون أن ينتبه له احد0
الضجيج أقلق مضجعه، جعله يتقلب ذات اليمين وذات اليسار، واضعاً أصابعه في أذنيه.
حاول أن ينام، لكنه لم يستطع، الناس من حوله يمرون عليه، الكل ينظر إليه، ومنهم من ينهره، بان يخلي الطريق، ليتمكن من المرور، وهو غير مصغي إليهم ،نهض فجأة، أخذ يقذفهم بالشتائم، حتى أن الشتائم، أستحت من المارة ،كان هنالك من يرد عليه،هنالك من يعانده، وآخرون يضحكون عليه، من أفعله، كان هنالك من يدعوا له، بالشفاء له مما أصابه،من حاله نفسيه، قصمت ظهر البعير،
انه المجنون شاب في مقتبل العمر شعره أشعث رث الثياب نحيل الجسم " الحكايات عنه كثيرة، الروايات متنوعة، كل يقص حكاية ، عن أسباب جنونه0
منهم من يقول، إن سبب جنونه زوجته، التي أحبها، ودفع مهرا غاليا، لكي يحصل عليها، ولم تمضي معه سوي شهرا واحدا، وهربت إلي مكان مجهول، لا احد يعرفه، وأخر يقول انه كان متعلما، يهوى القراءة لحد الجنون، و لا تراه إلا ممسكا كتابا، ومنهم من يقول، أنه دهس أبنه البكر، وهو يلعب خلف السيارة، ولم يكن يعلم به0 قصص كثيرة تروي يوميا عنه0
لم يسلم أحد من أذيته، ما عد رجل يمر عليه كل يوم، يحمل له الطعام، ويعطيه قليل من النقود، كم من أناس أخيار، يقدمون له ما يحتاجه، من ملابس، وأطعمه ،ولكنهم لم يسلموا منه، كانت تصيبه، حاله من الهسترية، ويبدأ بالركض، والصراخ، كأنه يهرب من وحش، يريد أن يفتك به، وكان يدخل المنازل، الدكاكين، ويشتمهم، ويضربهم، وهم خائفين منه، يحاولون تجنبه، يشتكون إلي الشرطة، لم يستطيعون الإمساك به،في يوم قرر الهرب، من الحارة، إلي جبل قريب منهم، حتى لا يؤذونه إذا نام، فانطلق وصعد الجبل، وهنا وقف كثيرا علي قدميه، يتأمل كل ما وقع عليه نظره، وكم أسعدته المناظر، وقرر عدم النزول، لأنه أصبح وحيدا، لا أحد يؤذيه، أو ينهره، أو يصب سخطه عليه، وكم أعجبته الطبيعة، وأشعه الشمس وهي تودعه عند الغروب، والمنازل كم هي جميله، متراصفه أمام ناظريه، العصافير وهي تأوي إلي أوكارها، طال وقوفه، لم ينم تلك الليلة من بروده الجو، لأنه لا يملك ألا ملابسه الممزقة وقبعة متهالكة، في الصباح وقف مره أخري، وهو يسمع صوت العصافير ، وسرب من الحمام يتجول أمام ناظريه، والشمس بزغت وداعبته، أحس بالدفيء فنام تحت صخره، لم يستيقظ إلا متأخر، والجوع قد اخذ منه ما اخذ، فقرر النزول ليشتري طعاما، ويحاول الحصول علي بطانية لتقيه لفحت البرد، نزل وما إن وصل، إذا بأولاد الحارة يصيحون عليه ،المجنون المجنون ويرمونه بالحجارة، لما رآهم هرب، أخذ يركض وهم خلفه ،حتى دخل أحد المنازل، وهو يبكي من شده الألم الذي أصابه ،ووقفوا أمام المنزل، خرج عليهم رجل كبير في السن نهرهم ،أخذ يوبخهم ويهددهم، انصرفوا عن المنزل، وهنا أخرجه الرجل، وأعطاه قليل من الطعام، ولكنه لم يتحرك، فقال له ماذا تريد إلا يكفيك هذا، فقال بصوت متقطع، أريد بط ط ط انية،لان البررررد قوي في الج ب ب ل، ولم استطيع ال ن ن نوم، فقال لا باس، وأحضرها له ،أنصرف عائدا إلي الجبل، ولكنه أتجه من طريق أخر، لما قرب غروب الشمس، سمع صوت العصافير مره أخري، أصبح ينظر إليها، بدأ يسأل نفسه ، أين تذهب؟ تخرج من الصباح ولا تعود إلا الآن، بدأ السؤال يحيره؟ لم يستطيع النوم، قرر أنه إذا أتي الصبح سوف يتبعها، ويري أين تذهب، في الصباح تأهب أن يلحقها، أعد عدته، وإذا بالعصافير تغادر أوكارها وتتجه صوب الفضاء الفسيح مسرعه إلي رزقها، إذا به ينطلق باقصي سرعته خلفها، يقفز من صخره عليه، يحاول أن يقلدها أن يطير، لكنه وقع ،من فوق هاوية سحيقة، وقد أرتطم جسده بالأرض، فتهشم، وفارق الحياة،وأخذ معه سره الدفين

موضوع: رد: المجنون الأربعاء 23 يوليو 2008, 3:57 pm

مشكورة اختي على القصة الرائعه وما تحتويها من معاني متخفيه وراء الابواب

موضوع: رد: المجنون الإثنين 02 مارس 2009, 4:41 pm

شكرا يا اميرة الاحزان على القصة الجميلة
تقبلي مروري.

» كيف تميزون العاقل من المجنون؟
» المجنون الذى ابكى العقلاء